أساسيات عمل الإعلانات ونماذج احتساب الأرباح

أساسيات عمل الإعلانات ونماذج احتساب الأرباح

شهد العالم نقلة نوعيّة في العقد ونيّف الأخير بكل ما يخص الاعلانات وعملها، فبعد عقود طويلة من التعرّض اليوميّ والمكثف للاعلانات، بدأ سؤال الجدوى بالتنامي: “ما مدى تأثير هذه الاعلانات وكيف يتم قياس تأثيرها ونتائج عملها؟”، “هل المبالغ والجهود المستثمرة بتصدير الاعلانات وعملها تؤتي بالنتائج المرجوّة؟ وكيف يتم نهاية تحسين العائد الانتاجيّ من عمل الاعلانات؟” . ومن هنا بدأ العمل بالاعلانات على أساس “الأداء”، أي الانجاز أو الفاعليّة التي يحققها الاعلان، حيث بدأ العمل بالاعلانات وفقًا للأداء- ال  Performance.من هنا يشتق هدف كل عمل على الاعلانات، او هدف كل معلن ،وهو أن يحقق العائدات الأعلى من الاعلان الخاص بمنتجه عن طريق تحقيقه للفعاليّة الأكبر.ومنها تُشتَق اليات العمل وأنظمته التي تضبط العمل ونتاجه وتُحدَّد وفقًا لكميات هائلة من المعطيات القياسيّة والكميّة، والقدرة على قراءة المعطيات وجمعها وتحليلها هو الأساس في خلق عمل أفضل.

إنّ أهم ما يقف في مركز عالم الأداء والنجاعة الاعلانيّة هو “الفعاليّة والتفاعل الاعلانيّ”، والفعاليّة هنا هي تفاعل الجمهور او الزائر مع الاعلان، ويكون التفاعل عن طريق القيام بعملية ما مثل تحميل برنامج أو تحميل أو تثبيت تطبيق أو عملية تسجيل أو تعبئة للبريد الالكتروني أو أيّ تفاصيل شخصية (وهذا ما يسمى بال conversion).  عند حدوث عملية كهذة نستخلص أنّ الاعلان كان مؤثرًا وناجعًا، أي أنّ المعلن نجح في تحقيق هدف اعلانه للمنتج الخاص به، ومن هنا فهو يقوم بالدفع مقابل هذه الفائدة او هذه العملية، ما يطلق عليه الدفع مقابل التحويلة CPA. إنّ مبلغ الدفع يتم تشاركه أو تقسيمه بين كل من اشترك بعملية الاعلان أيّ : المعلن،صاحب الموقع الذي نشر الاعلان، شركة الاعلانات او الوكالة التي قامت بالتشبيك بينهما وتخطيط عملية الاعلان وتحسينها، ويتم تقسيم المبلغ بينهم على اساس اتفاقيات تحدد نسبة كل طرف من الارباح، وهو ما يسمى نظام تقاسم الأرباح اي Revenue-Share.

مقابل هذا، هناك أنظمة قياس وأنظمة دفع أخرى تضم للدفع مقابل التحويلة، جزء كبير منها بدأ تداوله مؤخرًا مثل الدفع مقابل تثبيت التطبيقاتCPI  الذي تطور مع تطور تصفح الانترنت بالجوّال وتنامي العائدات منه، كما وأنظمة أخرى تحدد تبعًا لعوامل عديدة؛ من اهمها الدفع مقابل المشاهدة impression ، أي يكفي أن يشاهد الزائر الاعلان حتى يحصل المعلن على فائدته وبهذا فهو يدفع مقابل المشاهدة او التعرض للاعلان CPM، أو الدفع مقابل الضغط على الاعلان CPC، ونماذج الدفع هذه تعتبر أسهل للتحقيق اذ لا يتطلب هذا جهدًا من الزائر، بخلاف التحويلة التي أحيانا تكون مضنيّة للزائر وتطلب منه جهدًا لا يرغب دائمًا ببذله.

لكل نظام قياس ودفع هناك الايجابيات والسلبيات كما التعلق بعوامل عديدة تحددها، وبالامكان استعراضها من وجهة نظر الناشر أو من وجهة نظر المعلن اذ عادة ما تختلف الصورة بالنظر اليهما منفصلين.

وفي عودة لأنظمة الدفع وتقاسم الارباح، فإنّ قاعدة أخرى أساسية لا تشتق عن هذه القواعد،هي التسعيرات واختلافاتها وفقًا لعوامل عديدة مثل نوع الإعلان والمنتوج،ونوع التحويلة وصعوبتها، مثلًا: تحميل برنامج للحاسوب أسهل من تعبئة تفاصيل بطاقة الاعتماد والقيام بعملية شراء، وبهذا فإن سعر تحويلة من النوع الاخير أكبر بكثير من سعر تحويلة من النوع الأول . عامل اخر أوليّ هو الدولة التي يتم عرض الاعلان فيها والقيام بالتحويلة، فسعر تحويلة بدولة كمصر او الجزائر اقل بكثير من دولة مثل أمريكا او المانيا ، نستطيع مقاربة هذا تمامًا للأسواق والمنتجات العاديّة في حياتنا اليوميّة؛اذ أنّ سعر أي منتوج استهلاكي يوميّ في مصر يختلف عن سعر نفس المنتوج في المانيا مثلًا. نضيف على هذا العامل الجهاز الذي منه تمت التحويلة، جوّال أو حاسوب، وهذا بسبب اختلاف المنتوج الاعلاني لكل جهاز أيضًا.

من هنا نخلص الى أنّ سعر خمسين تحويلة مثلا بحالة معينة أو يوم معين، لا يساوي سعر خمسين تحويلة اخرى، وهذا بسبب أن توزيع التحويلات بين الاجهزة والدول والمعلنين والتسعيرات في الحالة الاولى لا يمكن ان يطابق نفس التوزيع في الحالة الاخرى.مثلًا في المثال المعروض أدناه نرى أن سعر 12 تحويلة في كندا أكثر بكثير من سعر 14 تحويلة في اندونيسيا، وفي حالات اخرى فإن نفس عدد التحويلات في نفس الدولة لا يتساوى دائمًا لأنه يتعلق بالعوامل الاخرى، أي أنّ 12 تحويلة في كندا لا يساوي دائمًا 14.96$،ففي حالة معينة ربما يساوي 2$ وفي حالة أخرى 100$.


إنّ الشركات المختلفة تعتمد وسائل مختلفة للدفع فمثلًا شركة مثل جوجل تعتمد نظام الدفع مقابل الضغط CPA  وشركات اخرى تعتمد المشاهدات فقط وخاصة لاعلانات معينة CPM ، وشركات أخرى مثل شركة وفرة ميديا (وهي شركة اعلانات موجّهة للعالم العربي والشرق الاوسط) تعتمد كل أنماط الدفع معًا، إذ تحوي المنصة المعتمدة فيها حملات اعلانية من كل الأنواع والعائد النهائي هو مجموع كل أنواع الحملات باعتماد تكنلوجيا تحسين عالية وفي هذا ايجابيات عديدة لمستخدمي منصات من هذا النوع (الصورة أعلاه مأخوذة من المنصة المعتمدة لوفرة ميديا).

إنّ فهمًا أكبرًا وأكثر عمقًا لكيفيّة عمل الاعلانات وأنظمة التسويق الاكتروني، بالاضافة للتعرض للتحديثات الجاريّة بشكل دائم وسريع، تمنحنا –كعاملين وكمستخدمين مهتمين بالمجال-قدرةً أكبر على جنيّ الفائدة من العمل الاعلاني كما قدرة أكبر على التحليل والتفكير بامكانيات تطوير المجال والعمل وخلق فرص جديدة، وقبل كل شيء توفر لنا امكانيات لاختيارات أكثر صحةً ودقة.



One comment

  • محمد

    شكرا لك أخي قي الله على الشرح

    9 مارس، 2017

انشر تعليقك